الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
من أعظم أسباب النجاح في الحياة في هذا الوقت هو النجاح في الدراسة؛
لأن طلب العلم ورفع الجهالة من أعظم أسباب النجاح وتحقيق السعادة، ومن فضل الله علينا أن تيسرت لنا سبل المعرفة من خلال قنوات كثيرة من أبرزها وأهمها المؤسسات
التعليمية والتربوية في القطاع الحكومي والأهلي، بل أصبح أمر التعلم إلزاما تفرضه قوة النظام، وليس الأمر متروكا لأولياء الأمور أو لأبنائنا، بل إن بعض الأنظمة تفرض عقوبات على من يقصر من أولياء الأمور في تعليم أبنائه أو يمنعهم من التعلم، فهذه نعمة أنعم الله بها علينا فلا بد من استغلالها والاستفادة منها في الرفع من مستوى أفراد مجتمعاتنا فكريا وعلميا وثقافيا واجتماعيا... الخ:
أولاً: دعينا نقف مع كيفية النجاح في الدراسة: إليك جملة من المسائل التي أذكر بها جميع أبنائنا وإخواننا الطلاب:-1- أن تكون النية صالحة، وأقصد بذلك أن ننوي بدراستنا أن تكون بناء لشخصياتنا ولذواتنا، ولا نقف على نية المكاسب الدنيوية فحسب وإن كان هذا أمر ا طيبا ومقصدا
مشروعا مثل الحصول على وظيفة جيدة أو راتب مناسب أو غير ذلك، فهذا كله طيب وحسن، ولكن أعظم من ذلك أن يطلب العلم من أجل شرفه ومكانته، فالله أثنى على العلم والعلماء في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، كذلك لا بد أن يكون من مقاصدنا أن ترقى نفوسنا وتعظم عقولنا به، وأن نرفع من شأن مجتمعاتنا وأوطاننا وأمتنا
بالعلم، فالنيات العظيمة والطيبة تسمو بالطموحات فتجعلها عظيمة وسهلة المنال
مهما كانت الصعوبات والعقبات تحول دون تحقيقها.
2- أن تكون الدراسة هدفا أساسيا في حياتك، وأولوية لا يقدم عليها شيء مهما كانت
الظروف قاهرة حتى تتم دراستك الجامعية. فقد تواجهك بعض العقبات التي قد تعثر
طريق دراستك مثل الأمور المالية أو ظروف اجتماعية أو غير ذلك. فحاولي التوفيق
بين ظروفك ودراستك، ولا تتنازلي من أول صدمة أو عقبة تواجهك في تحقيق ما تريدين
تحقيقه.
3- التفاعل مع مناشط المؤسسة التربوية "المدرسة أو الجامعة.." سواء المناشط
الثقافية أو الاجتماعية أو الرياضية أو غير ذلك؛ فإن هذا له فوائد كبيرة جدا من
أهمها بالنسبة لك الإحساس بالانتماء لهذه المؤسسة ومحبتها وخلق جو من الألفة
بين أطراف العملية التربوية معلمون وإدارة وطلاب، وهذا مما يعين على نجاح
أطرافها وشعورهم بالسعادة التي تدفعهم إلى إعطاء المزيد من التفاعل، وإبراز
الطاقات والمواهب سواء المعلمين أو الإداريين أو الطلاب.
4- الانضباط في كل شيء في حضور الدوام الدراسي من بدايته حتى نهايته، كذلك
الانضباط داخل الصف وفي أداء الواجبات حتى في المزاح وألفاظه، والتفريق بين
المعلمة و الزميلة في طريقة المزاح، فالتحلي بصفة الانضباط والحزم يعين على
التفوق؛ لأننا نشاهد كثيراً من الطلاب -وللأسف الشديد- لا يتحلون بشيء من الجدية،
ويغلب عليهم التساهل والتسويف، والعاقبة في نهاية المطاف تبدد الأحلام وضياع
الطموحات.
5- الصحبة التي تحمل نفس همك، وحريصة على تحقيق أحلامها وطموحاتها كوني حريصة على مصاحبتها، والاستفادة منها، والتعاون معها، سواء كانت المعلمة أو المديرة أو زميلتك الطالبة، وتذكري أن الصاحب ساحب، فقد يكون للخير أو لضده.
ثانياً: أما كيفية النجاح في الحياة:
1- عندما يحدد الإنسان هدفا أو أهدافا يريد أن يصل إليها في مشوار حياته، وتكون
هذه الأهداف ليست مستحيلة أو خيالية أو صعبة التحقق من خلال قدرات ذلك الإنسان
وإمكانياته، وكان عنده العزم الصادق والعمل الجاد في تحقيق ما يريده، فبلا شك أن
هذا هو النجاح في الحياة بشرط أن تكون هذه الأهداف نبيلة وسامية تجمع بين خيري
الدنيا والآخرة.
2- في ظني أن من أكبر عوامل النجاح هو صناعة الخير في نفسك، ثم فيمن حولك من
والدين وأقارب وجيران وأصحاب، وصناعة الخير قد تكون بأمور بسيطة سهلة التناول
فمثلا: التحلي بالابتسامة والهدوء أثناء الحركة، والحديث مع من حولك يكسبك كثيرا
من المكاسب المعنوية والمادية، فمن تلك المكاسب راحة النفس التي تشعرين بها لأن
الجميع يحبك ويحترمك ويحب الحديث والجلوس معك، كل هذه الأمور تشعرك بالراحة التي تدفعك لتقديم الأكثر والعمل في الحياة بروح ملؤها التفاؤل والنشاط، ومن المكاسب
المادية أيضا ثقة من حولك في قدراتك، فهذا قد يرشحك لكثير من الوظائف أو المهام
التي قد تسند إليك، والأمثلة كثيرة جدا في (صناعة الخير) ولكن تحتاج بعض التحرك
ولو حركة بسيطة في اتجاه صحيح، وأنا متأكد أن النتائج سوف تحقق نجاحات.
3- ارتبطي بالله جل وعلا في كل أمورك، وتعلقي به في صلاتك ودعواتك بثي شكواك
وهمومك بين يديه استخيريه في كل أمورك، واطلبي منه أن يختار لك ما يصلحك ويحقق
لك النجاح، اطلبي منه أن يعطيك أعظم ما تتمنين، وثقي ثقة تامة أنك ستصلين إلى
النجاح ولو بعد حين. فلا تستعجلي ولا تتوقفي عن العمل الجاد في تحقيق النجاح.
"واعبد ربك حتى يأتيك اليقين".
أسأل الله بمنه وكرمه أن يوفقنا ويوفقك وجميع المسلمين إلى النجاح في الدنيا
والآخرة.
وبالله التوفيق